عائشه
عدد المساهمات : 50 تاريخ التسجيل : 27/12/2009
| موضوع: تفسير, سورة, الهمزة *** الجمعة يناير 22, 2010 7:36 pm | |
| أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) وَمَا أَدْرَاكَ مَا
الْحُطَمَةُ (٥) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
تعكس هذه السورة صورة من الصور الواقعية في حياة الدعوة في عهدها الأول. وهي في الوقت ذاته نمودج يتكرر في كل
بيئة. صورة اللئيم الصغير النفس، الذي يؤتي المال فتسيطر نفسه به ، حتى ما يطيق نفسه . يروح يشعر أن المال هو
القيمة العليا في الحياة. القيمة التي تهون أمامها جميع القيم وجميع الأقدار : أقدار الناس ، وأقدار المعاني ، وأقدار
الحقائق. وأنه وقد ملك المال فقد ملك كرامات الناس وأقدارهم بلا حساب .
كما يروح يحسب أن هذا المال (إله ) قادر على كل شيء ، لايعجز عن فعل شيء ، حتى دفع الموت وتخليد الحياة . ودفع
قضاء الله وحسابه وجزائه إن كان هناك حساب وجزاء
ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال (يعده) ويسلذ تعداده . وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة ، تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس
وكراماتهم . ولمزهم وهمزهم .. يعيبهم بلسانه ويسخر منهم بحركاته . سواء بحكاية حركاتهم وأصواتهم ، أو بتحقير
صفاتهم وسماتهم ..بالقول والإشارة . بالغمز واللمز . باللفتة الساخرة والحركة الهازئة .
وهي صورة لئيمة حقيرة من صور النفوس البشرية حين تخلو من المروءة وتعرى من الإيمان . والإسلام يكره هذه
الصورة الهابطة من صور النفوس بحكم ترفعه الأخلاقي . وقد نهى عن السخرية بالغمز واللمز والعيب في مواضع شتى .
إلا أن ذكرها هنا بهذا التشنيع والتقبيح مع الوعيد والتهديد ، ، يوحي بأنه كان يواجه حالة واقعية من بعض المشركين تجاه
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتجاه المؤمنين ..فجاء الرد عليها في صورة الردع الشديد والتهديد الرعيب .
والتهديد يجيء في صورة مشهد من مشاهد القيامة يمثل صورة للعذاب مادية ونفسية ، وصورة للنار حسية ومعنوية . وقد
لوحظ فيها التقابل بين الجرم وطريقة الجزاء وجو العقاب . فصورة الهمزة اللمزة ، الذي يدأب على الهزء بالناس وعلى
لمزهم في أنفسهم وأعراضهم ، وهو يجمع المال فيظنه كفيلاً بالخلود وصورة هذا المتعالي الساخر المستقوي بالمال ،
تقابلها صورة (المنبود ) المهمل المتردي في (الحطمة ) والتي تحطم كل ما يلقي إليها ، فتحطم كيانه وكبرياءه .
وهي (نار الله الموقدة ) وإضافتها الله وتخصيصها هكذا يوحي بأنها نار فذة ، غير معهودة ، ويخلع عليها رهبه مفزعة
رعيبة . وهي (تطلع ) على فؤاده الذي ينبعث منه الهمز واللمز ، وتكمن فيه السخرية والكبرياء والغرور .. وتكملة لصورة
المحطم المنبود المهمل .. هذه النار مغلقة عليه ، لاينقده منها أحد ، ولا يسأل عنه فيها أحد وهو (موثق ) فيها إلى عمود
كما توثق البهائم بلا احترام ، وفي جرس شديد الألفاظ تشديد ( عدده .كلا .تطلع . ممدة )
وفي معاني العبارات توكيد بشتى أساليب التوكيد : ( لينبذن في الحطمة . وما أدراك ما الحطمة ؟ نار الله الموقدة .. ) فهذا
الإجمال والإيهام .
ثم سؤال الاستهوال . ثم الإجابة والبيان .. كلها من أساليب التوكيد والتضخيم .. وفي التعبير تهديد ( ويل . لينبذن .
الحطمة ... نار الله الموقدة . التي تطلع على الأفئدة . إنها عليهم مؤصدة . في عمد ممدة ) .
وإنا لنرى في عناية الله بالرد على هذه الصورة معنين كبيرين :
الأول تقبيح الهبوط الأخلاقي وتبشيع هذه الصورة الهابطة من النفوس
والثاني : المنافحة عن المؤمنين وحفظ نفوسهم من أن تتسرب إليها مهانة الإهانة ، وإشعارهم بأن الله يرى ما يقع لهم ،
ويكرهه ، ويعاقب عليه .. وفي هذا كفاية لفع أرواحهم واستعلائها اللئيم ... | |
|